"وبعد ما خلصنا أول فقرة من حلقتنا زي ما عودناكم دايمًا ندخل على فقرة استقبال مكالمتكم ومعانا أول اتصال"
معانا موج، ازيك يا موج
وعليكم السلام ازيك يا دكتور
الحمد لله اتفضلي يا موج
أنا عندي صاحبة واحدة بس مكنش عندي غيرها، في يوم أتعرفِت على شلة من دفعتنا كانوا معانا من سنين بس عمرهم ما كلموا بعض خالص، دلوقت بقوا صحاب.
كملي
أنا بخاف أوي يا دكتور أوي، لما شوفتهم مع بعض في أول فترة مكنتش مستريحة بس قولت عادي زمايل وكده، بس دلوقت بقت دايمًا معاهم هي اه معايا بردو بس معاهم أكتر، وبقت بتتكلم عنهم كتير ولما تشوفهم تسبني وتروحلهم وتضحك معاهم وتهزر وتسبني ما تفتكرنيش غير كل فين وفين أنا أتعودت إن هي دايمًا معايا ومعايا أنا بس، و أنا مكتفية بيها.
طيب فين المشكلة..؟ ما كل الصحاب كده، مش معني إنها صاحبتك الوحيدة إنك تمنعيها من إقامة علاقات أو إنها تبقى ليكِ لوحدك، وبعدين أنتي كمان كان لازم تصاحبي صحاب أكتر ماينفعش تقتصري علاقاتك بالناس بعلاقة واحدة بس، أحنا بشر مش أشياء ممكن حد يمتلكها وتبقى بتاعتنا لوحدنا.
مقاطعة: سيبني أكمل للنهاية لو سمحت..
أنا أسف كملي
أنا بخاف أوي بخاف جدًا أعمل علاقات مع الناس، لأن الناس مؤذيه يا دكتور وأنا أتأذيت كتير في حياتي وبعد ما لقيتهم أتصاحبوا خلاص وحسيت إنها نسيتني ولَقت البديل وخلاص مبقاش ليا وجود فـ حياتها، هي ساعدتني في إن الأحساس دا يكبر جوايا من تصرفاتها وبدأت أبعد شوية بشوية ومستنية منها تلميح بسيط بس أني "أبقي" ملقتش لحد ما واجهتها وقولتلها كل اللي في قلبي وكان ردها إنها زهقت من تصرفاتي وتفكيري الأهبل؛ فقولتلها إني مش عايزة أعرفها تاني وسبتها ومشيت "تكمل له حديثها ببكاء" كنت خايفة ييجي اليوم و هي اللي تسيبني فيه وأتوجع من تاني، مكنش عندي استعداد إني أواجه نفسي ومشاعري لما اتساب من تاني فقولت اسيبها قبل ما تسبني.
أتوجعت لما سيبتها وأنا كنت عارفة إني هتوجع بس كان لازم أعمل كده مكنتش عايزاها هي اللي تسبني زي ما ماما وتيتة سابوني وبقيت لوحدي.
أزاي مش معاكي والدتك ووالدك؟
لأ، أنا عايشة مع بابا لوحدي وحتى هو بيسبني ويسافر بالأيام لشغله، وماما متجوزة ومخلفة معرفش عنها حاجة وهي مبتسألش لحد ما خلاص بقيت بحس بجفاف ناحيتها لما بفكر فيها بس أوقات لما بفتكرها وأفتكر إنها سابتني من غير ما تحس بالندم أو الذنب من غير حتى ما تبص وراها تشوف الكائن اللي هي خلفته، بحس إني مليش قيمة في الحياة وأني جيت غلطة.
وصحبتك يا موج كان رد فعلها أي؟
الأول كانت مفكراني بهزر، وبعدين لما لمحت مني أسلوبي الجد قعدت تسألني فيا أي مغيرني كدهه وصحابها كمان.
وبعدين
فضلت فترة قاعدة في البيت ما بنزلش وهي كانت بترن عليا بس مكنتش برد لحد ما زهقت ومَبقتش بترن عليا من تاني، أنا كنت متطمنة وهي بترن عليا حتى لو مكنتش برد بس بردو كنت بتطمن إنها لسه عايزاني وبعد ما بقت مبترنش كنت في حالة أكتئاب فظيعة وكنت بعمل حجات غريبة أوي أول مرة أعملها، كنت بصحى وأنام وأعيش في نفس المكان مكنش عندي طاقة لأي حاجة حتى إني ٱكل، حرفيًا الحياة كانت سواد قدامي، كنت بفتكر كل حاجة سوده عشتها، مشاعر الفقد والخِذلان وانعدام قيمتي قدام نفسي، احساسي بالذنب والعار بأني جيت غلطة بوظت على أهلي عيشتهم، احساسي إن الناس مش حباني إني بتقل على الناس لمجرد إنهم بيشوفوني.
المشاعر والأفكار السلبية دي كانت محاوطاني في كل ركن في أوضتي وعلى حيطان أوضتي كأنها لعنة مكتوبة في كل مكان مكنتش بقدر استحمل الضغط دا والعياط والصريخ مبقوش كفاية مبقوش يخففي عني الضغط دا.
كان عندي الكومدينو جمب السرير حده كان حاد مش أوي بس كان كفاية لأني أجرح بيه ايدي كنت بحطها على حده وامشيها يمين وشمال لحد ما تنجرح وتنزل دم، وبعدين بقيت التفت لأي شيء حاد أشوفه لدرجة إني خدت موس حلاقة من الحمام وبقيت دايمًا حطاه جنبي كل ما احس إن الحالة هتجيلي أجيبه وأعور نفسي بيه، كنت برتاح، كانت الدنيا بتهدى ثواني وترجع الموجة من تاني، معرفش لي لما كنت بشوف الدم برتاح كأن الوجع اللي بحس بيه بيتحول للجرح دا وكونه بقا شيء مادي قادرة اشوفه واحس بيه كان كفيل إنه يريحني كأنه مخدرات، وفضلت فترة طويلة كده كان الجرح اللي يتجرح فـ جسمي لازم يوجعني أكتر من قلبي لازم وجعه يبقى اكبر من وجع قلبي كنت عايزه أشوف الوجع كنت عايزه أحس بوجع ملموس ومتشاف ويكون أقوى من وجع قلبي أتشغل بيه شوية عن حجات تانية كتير..
فكرة إني بقيت لوحدي من تاني وقاعدة في البيت لوحدي كان صعب إني اتقبلها واتعايش معاها.
لما رجع بابا من السفر أتصدم لما شافني أكيد هيتصدم، ووداني لدكتور نفسي في البلد.
كانت العيادة فيها دكتورين دكتور بيتابع معايا بالأدوية ومعالج بيتابع معايا بالجلسات وكنت بحس فعلًا بأني بتعافى مش مجرد تقلب في مزاجي وهرجع لحالتي من تاني كان المعالج بيبني صورتي الداخلية لنفسي بيشيل اللي اتبنى غلط ويبنيه صح، بيصلح وينظم مشاعري البايظة، بيفتح مداركي بيعرفني أنا مين، أي هي كينونتي، ومنين اخد قيمتي، عرفني إني مجتش غلطة، وإني مش بعذب حد بقربي منه، وإني مش تقيلة أو وحشة، خلاني متجاوزش الماضي واركنه في الارشيف اللي كل شوية كان بينفتحلي ويدمرلي حياتي، وبدأت بجد أتعافى.
قفلت معاه وخدت نفس عميق مكنتش بدور على حلول أو مواساة أنا كنت بس عايزة أتكلم وأفرغ طاقتي عشان أقدر أفرق ما بين المشاعر والأفكار الحقيقية اللي بمر بيها دلوقت والعكس اللي دماغي بتوهمني بيه.
سمعت صوت المفاتيح بتدخل في حلق الباب، لقيت بابا داخل عليا بعلبة كبيرة ووراه صحبتي وصحابها كنت مصدومة لدرجة إني متكلمتش ووقفت متجمدة في مكاني، دخلت نهى وحضنتني وبعدين صحابها وحضنوني كلهم وأنا مش فاهمة اي اللي بيحصل
بابا: كل سنة وأنتِ طيبة يا نور عيني
نهى: أنا أسفة يا موج إني سبتك كل دا ومكنتش عارفة عنك أي حاجة لحد ما باباكي حكالي، أنا كنت صديقة بشعة.
عيني دمعت، من شوية كنت شايفة الدنيا قدامي سودة ومن كام أسبوع كنت بفكر في الانتحار وكل يوم كنت بحس بالوحدة وكل حاجة حواليا كانت بتثبتلي إني وحيدة وعايشة في رمادية مطلقة، دلوقت حاسة باحساس غريب حاسة إني عايزة اعتذلها على انانيتي ومحاولتي لتملكها وحرمانها من أن يبقى ليها صحاب غيري واعتذرلهم كلهم من كوني عامية مشوفتش أنهم كانوا بيحاولوا كلهم إنهم يبقوا صحابي وأنا اللي كنت مضطهداهم .
نور: شوفو أنا طول عمري أقول على البت موج إنها عيوطة وقنبلة هرمونات يبت فرفشي النهاردة عيد ميلادك
ضحكوا كلهم وبدأو يغنولي وبابا طلع الكيك والشمع واحتفلت بعيد ميلادي وأنا معايا بابا وصحابي، كان من رابع المستحيلات إني أتوقع لمتنا النهاردة، ولما قعدنا لوحدنا وبابا سابنا قعدنا نتكلم.
موج: هو أنتم جايين عشاني ولا عشان نهى طلبت منكم تيجوا؟
مريم: بطلي هبل يا موج أنتِ لما غبتي من المدرسة كلنا قلقنا عليكي ومكناش عارفين نوصلك ازاي لحد لما امبارح نهى عرفتنا إنه عيد ميلادك النهاردة فقولنا نهجم عليكي في البيت وننتقم منك على القلق اللي سببتهولنا وبالمرة نحتفل بعيد ميلادك.
نور: وقابلنا بباكي على أول الشارع ولما سألناه عليكي حكالنا إنك تعبانة عشان كده مبتنزليش المدرسة، هتنزلي امته بقا؟
موج: من بكرا هنزل معاكم
"لم يفت الأوان لأصلاح الكسور والشروخ التي لم نتسبب بها، لكننا كنا الضحية لمن تسبب لنا بها، كن شجاعًا وأختر طريق التعافي حتى لا تصبح الجاني في قصةٍ أخرى" .